المبحث الأول : ترجمة
المسألة
تعاني آلاف النساء حول العالم مما يسمى بالعقم بسبب مشاكل
الرحم. هن عقيمات إما لأنهن ولدن من غير رحم، أو اضطررن لاستئصاله، أو لأن الرحم
لا يعمل كما يجب لسبب من الأسباب. منذ العام 2012، نفذ الأطباء في السويد تسع
عمليات لزرع الرحم، تلقت أربع من النساء الرحم من والداتهن، واحدة من شقيقتها،
واحدة من عمتها، وأخرى من صديقتها.[1]
تلقت النساء الأرحام التي تبرعت بها
أمهاتهم أو أقاربهم الآخرين لاختبار ما إذا كان من الممكن نقل الرحم بحيث يمكن
للمرأة أن تلد طفلها بعد عملية إخصاب خارجية في المختبر لبويضات الأم مع الحيوانات
المنوية للزوج فيما يشبه عملية طفل الأنابيب. وكانت عملية زرع الرحم قد تم اجراءها
لتسعة نساء في السويد واضطر الأطباء الى استئصال الرحم مرة أخرى من سيدتين بعد
حدوث مضاعفات، وبذلك يصبح مجموع النساء التي أُجريت لهن عملية زرع الرحم بنجاح في
السويد هو سبعة سيدات من أصل تسعة.
ولكن يجب اخضاع النساء اللواتي نجحن في عملية احداث حمل الى اشراف طبي دقيق مع مراقبة مستمرة وجرعات مخفضة من أدوية تحول دون رفض الجسم للرحم المزروع. وتهدف هذه المراقبة الطبية المستمرة الى متابعة كيفية تقدم الرحم طوال فترة الحمل حيث أن هناك تساؤلات حول كيفية تأثير التغيرات الفسيولوجية في الرحم على الأم وما إذا كان الرحم المزروع سوف يمد الجنين بالتغذية اللازمة الى نموه بصورة طبيعية. وأضاف برانستورم انه في حالة نجاح عمليات الحمل سوف يتم استئصال الرحم مرة أخرى بعد عمليتي حمل لكل امرأة بحد أقصى.[2]
وذكرت الجامعة جوتنبيرغ في بيان أن إحدى
المرأتين استأصلت الرحم قبل سنوات بسبب إصابتها بسرطان في عنق الرحم، في حين ولدت
الأخرى دون رحم. وأضافت أن "المريضتين اللتين زرع لكل منهما رحم جديد في حالة
جيدة، لكنهما متعبتان بعد الجراحة. والأمان المتبرعتان في حالة صحية طيبة وستخرجان
من المستشفى خلال أيام قليلة". وقالت الجامعة إن هناك ما بين 2000 و3000
سويدية في سن الحمل غير قادرات على الإنجاب بسبب مشكلات الرحم.[3]
وتعاني هؤلاء النسوة من حالة اسمها ماير روكيتانسكي كاستر هاوز (MRKH)[4]
اي أنهن ولدن بدون أجزاء من المهبل ومن الرحم ومن عنق الرحم. وتحدث هذه الحالة لدى
واحدة من كل خمسة آلاف امرأة ولا يمكن اكتشافها إلا عند البلوغ، وهي واحدة من
أسباب العقم بالتأكيد. [5]
الإجراءات
عملية زرع الرحم هو العمليات إجراء الجراحية حيث يتم زرع الرحم
صحي في الحي الإناث منها الرحم غائب أو المريضة. كجزء من الطبيعي التكاثر الجنسي
الثدييات، رحم المريضة أو غائبا لا يسمح زرع الجنين الطبيعي، مما يجعل بفعالية
العقم الإناث. وتعرف هذه الظاهرة باسم المطلق عامل الرحم العقم (Absolute Uterine Factor Infertility - AUDI). زرع الرحم هو العلاج المحتملة لهذا النوع من العقم.[6]
فحص أولى : يبدأ زرع الرحم مع الجراحة استرجاع
الرحم على المانحة. تقنيات العمل لهذا وجود للحيوانات، بما في ذلك القرود ومؤخرا
البشر. قد يحتاج الرحم تعافى ليتم تخزينها، على سبيل المثال لنقلها إلى موقع
المتلقي. دراسات عن نقص التروية الباردة / ضخه تشير إلى التسامح الدماغية لأكثر من
24 ساعة.[7]
المتلقي أن ننظر يحتمل ثلاث عمليات
جراحية كبرى. أولا وقبل كل شيء، هناك جراحة زرع. إذا تم إنشاء الحمل وحملوا
لاستمرارية العملية القيصرية تتم. كما يتم التعامل مع المتلقي مع العلاج مناعة، في
نهاية المطاف، وبعد الانتهاء من الحمل، يحتاج إلى استئصال الرحم الذي يتعين القيام
به بحيث يمكن إنهاء العلاج المناعي القمعية.
[8]
إجراءات معقدة[9] :
ستخضع النساء اللواتي
ستجرى لهن العملية لإجراءات معقدة اولها تحفيز المبيض لإنتاج بويضات ثم تجميدها ثم
الحصول على رحم من امرأة متوفاة شرط ألا تمر عليه اكثر من ثمان ساعات. بعدها تجرى
عملية الزرع وإذا ما نجحت تمنح المرأة فترة نقاهة لمدة عام، كامل قبل زرع البويضات
واحدة بعد الأخرى وكل على حدة لحين التأكد من حدوث الحمل.
طفلان فقط :
إذا ما نجحت العملية
وأكملت المرأة فترة الحمل، يكون الانجاب بعملية قيصرية لتحصل الأم على الطفل الذي
كانت تنتظره، ولا يمكن لها ان تحصل إلا على طفلين فقط بهذه الطريقة وبعدها يجب
استئصال الرحم من جديد. وقال الباحث البارز في مستشفى كليفلاند اندرياس تزاكيس
"عكسا لبقية عمليات الزرع، هذه العملية مؤقتة ولفترة محددة فقط فإبقاء الرحم
داخل جسم المرأة بعد الولادة الثانية له نتائج صحية خطيرة".
امل كبير : الحمل بهذه الطريقة سيعطي الأمل لآلاف
النساء اللواتي يعانين من مشاكل، ولا يستطعن الإنجاب علمًا ان اول من طور هذه
الطريقة كان فريقا من جامعة غوتنبرغ في السويد . وكانت تجارب سابقة قد جرت في السويد وفي تركيا
وفي السعودية نجاح اول عملية راعة رحم في العالم في السعودية، غير انها لم تحقق
شيئا.
المبحث الثاني : تعريف
العمليات زرع الرحم في الفقه النوازل
قد نقشنا عن العمليات زرع الرحم في المبحث السابق أي المبحث
الأول أن هذه العمليات فيمكن أن نضعها أو نفصلها بنقشا عميقا تحت موضوع الفقه
النوازل. لأنها لابد أن يجرى بعيدا من حهة الفقه الإسلامي لأن الفقه نفسها في
الإصطلاح بمعنى العلم بالأحكام الشريعة العملية المكتسبة من أدلتها النفصيلية[10].
علم الفقه الإسلامي هو العلم واسعا جدا كالبحر ما فيها النهاية، ويتعلق المسألة بالوقائع
والأزمان والأمكان مختلفة أما الفقهاء المتقدمين نقشها في عهدهم قبل هذا أم لا. ولما كان يمكن أن يطلق هذه البحث تحت مناقشة
الفقه النوازل.
الفصل الأول : تأصيل
فقه النوازل
كما عرفنا الفقه في اللغة هو الفهم، ويطلق على العلم وعلى
الفطنة. تعريفه في الإصطلاح كما في فوق، العلم بالأحكام الشريعة العملية المكتسبة
من أدلتها النفصيلية. أما كلمة نوازل مفرده نازلة، والنازلة في اللغة بمعنى اسم
فاعل من نزل ينزل إذا حلّ، وقد أصبح اسما على الشدة من شدائد الدهر[11].
وفي الإصطلاح تطلق على أربعة معان[12]
أي؛
أولاً :
تطلق النوازل في إصطلاح الحنفية خاصة على الفتاوى والواقعات، وهي مسائل استنبطها
المجتهدون المتأخرون لما سئلوا عن ذلك، ولم يجدوا فيها رواية عن أهل المذهب
المتقدمين، وهم أصحاب أبي يوسف ومحمد وأصحاب أصحابهما، وهلم جرا.
ثانيًا :
تطلق النوازل في إصطلاح المالكية خصوصا في بلاد الأندلس والمغرب العربي على
القضايا والوقائع التي يفصل فيها الفضاة طبقا للفقه الإسلامي. والنوازل بهذا
الإصطلاح تأتي بمعنى الأقضية، وهي نوازل الأحكام من المعاملات المالية والإرث ونحو
ذلك مما تتعلق به حقوق، وتقع فيه خصومة ونزاع.
ثالثًا :
تطلق النوازل في إصطلاح المالكية أيضاً على الأسئلة والأجوبة والفتاوى، ومن ذلك
الكتب التي صنفت باسم النوازل، وهذا الاسم عرف عند المالكية في بلاد الأندلس
والمغرب العربي، مثل نوازل ابن رشد والإعلام بنوازل الأحكام لابن سهل الغرناطي
وغير ذلك.
رابعًا :
شاع واشتهر عند الفقهاء عامة إطلاق النازلة على المسألة الواقعة الجديدة التي
تتطلب إجتهادًا وبيان حكم.
والمقصود أن النازلة لا بد من إشتمالها
على ثلاثة معان، وهم: الوقوع والجدَّة والشدة. فهذه قيود لا بد من وجودها في
النازلة:
القيد
بالوقوع : معناه الحلول والحصول. وقد خرج بهذا القيد أي
المسألة غير النازلة، وهي المسألة الإفتراضية المقدّرة، وهذه المسائل الإقتراضية
نوعان أي إما مسائل يستحيل وقوعها، وإما مسائل يبعد وقوعها. ولما كانت المسائل
الواقعة على قسمين أي قسم سبق وتكرر وقوعه من قبل، وقسم لم يتقدم له وقوع، كان لا
بد من الإتيان بالقيد الآتي.
القيد
بالجدة : معناه عدم وقوع المسألةمن قبل، والمراد بذلك
عدم التكرار. وقد جرج بهذا القيد، النوازل العصور السالفة، وهي تلك المسألة التي
سبق وقوعها من قبل، فيما إذا تكرر وقوعها.
القيد
بالشدة : معناه أن تستدعي هذه المسألة حكمًا شرعيًا بحيث تكون ملحّة
من جهة النظر الشرعي. وقد خرج بهذا القيد ما نزل من وقائع جديدة إلا أنها غير
ملحّة من الناحية الشرعية، إما لأنها واقعة جديدة لم تنزل بالمسلمين، أو
لأنها واقعة خاصة لم ترتق إلى درجة الشهرة والذيوع والانتشار وذلك لكونها نادرة أو
لأن الخطب فيها يسير، أو لأنها واقعة لا تتطلب نظراً شرعياً إنما تتطلب رأياً
طبياً أو موقفاً إداريا.
وقد
جمع هذه القيود الثلاثة التعريف الآتي: "ما استدعى حكمًا شرعيًا من الوقائع
المستجدة" أو يقال "الوقتئع المستجدة الملحّة". فيمكن التعريف فقه
النوازل بإعتباره علمًا ولقبًا بأنه: "معرفة الأحكام الشرعية للوقائع
المستجدة الملحّة". وبهذا يظهر "أن العلاقة بين علم الفقه وعلم فقه
النوازل هي العموم والخصوص الوجهي". ذلك أنهما يجتمعان في معرفة أحكام
الوقائع العملية المستجدة.
إن
علم الفقه أعم من علم فقه النوازل من جهة أن الفقه يشمل معرفة أحكام المسئلة
العملية، سواء كانت هذه المسائل واقعة أو مقدرة، مستجدة أو غير مستجدة. كما أن علم
فقه النوازل أعم من علم الفقه من جهة أن فقه النوازل يشمل معرفة الأحكام الشرعية
للوقائع المستجدة، سواء كانت هذه الوقائع عملية أو غير عملية. أن فقه النوازل متعددة في اتجاهات البحث أو يقال
الأنواع، وهم نوازل في العبادة ونوازل في المعاملات ونوازل في الأسرة والنكاح
ونوازل في الشخص الرجل أو المرأة ونوازل الأفراد أو التركيب، إذ هذا البحث تحت
أنواع نوازل في الأسرة والنكاح.
الفصل الثاني : إصدار مناقشة
العمليات زرع الرحم تحت التقسيمات النوازل ومداركها
يمكن تقسيم النوازل بإعتبارات متعددة إلى ما يأتي، أي من حيث
موضوعها ومن حيث خطورتها وأهميتها ومن حيث كثرة وقوعها وسعة انتشارها. النوازل من
حيث موضوعها تنقسم إلى نوازل فقهية ونوازا غير فقهيه. فبهذا البحث الذي تنقش عن
العمليات زرع الرحم لابد يتعلق ويثبت عن فقه الإسلامي لأن هذه العمليات تدخل إلى
ما يعني الفقه في الإصطلاح هو "العلم بالأحكام الشريعة العملية
المكتسبة"، وتصرفات الإنسان بمعنى العملية المكتسبة وأنها في مدن الطبية أو
الصحية. محافظة على الصحة هي من مقاصد الشريعة في حفاظة النفس.
ثم قسم النوازل
من حيث خطورتها وأهميتها تنقسم إلى نوازل كبرى ونوازل أخرى. نوازل كبرى هي القضايا
المصيرية التي نزلت بأمة الإسلام أي الحوادث والبلايا التي تدبر للقضاء على
المسلمين من قبل أعدائهم، وما يتصل بذلك من المكائد والمؤامرات والحروب وغير ذلك
في شتى المجلات. وقسم النوازل عكس بنوازل كبرى هي القضايا المصيرية التي لابد
مواجهتها، وعند بيان حكمها من جمع الكلمة على الهدى، ونبذ الخلاف والنأي عن
التعصب، إذ لا يليق بمثل هذا النوع من النوازل الإعتماد على رأي فرد أو إجتهاد
طائفة معينة. إذ ما نبحث عن العمليات زرع الرحم هي مجموعة الآرأ التي يرمى من
العلماء مخصوصة في مدنهم مثل الطب والقانون والفتوى والعلوم والتكنولوجية والأسرية
وغير ذلك. الحكم تستنبط من هذه الجماعة المناقشة، لا يتأثر برأي فرد أو إجتهاد
طائفة معينة.
وقسم النوازل
بالنسبة لجدتها أي مخصة ونسبية. نوازل مخصة وهي التي لم يسبق وقوعها من قبل، لا
قليلا ولا كثيرا، مثل أطفال الأنابيب. ونوازل نسبية وهي التي سبق وقوعها من قبل،
لكنها مطورت من جهة أسبابها والواقع المحيط بها، وتجددت في بعض هيئاتها وأحوالها،
حتى صارت بهذا النظر كأنها نازلة جديدة، مثل بيوع التقسيط، والعمليات الطبية
الجراحية، والزواج بنية الطلاق. وهذا الموضوع العمليات زرع الرحم هو من العمليات
الطبية الجراحية التي لابد نحن نوجهها بالمفاهيم والضوابط معينة من فقه الإسلامي
وخصوصا فقه النوازل.
أما في مدارك
الحكم على النوازل عامة وبهذه العمليات خاصة، متى أراد دراستها والتوصل إلى حكمها
عليه أن يسلك المنهج الآتي: أي التصور، ثم التكييف وثم التطبيق. فهذه ثلاثة مدارك
أم مرحلة الإستقرأي لا بد لها من هذا الترتيب، فإن وقع خلل في أحدها نتج عنه ولا
بد خلل في الذي يليه.
المدرك التصور : إن تصور الشيء تصورًا صحيحًا أمر لا بدّ منه لمن أراد أن
يحكم عليه، وكما يقال: الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فتصور النازلة مقدمة لا مناص
عنها ولا مفر منها لمن أراد الاجتهاد في استخراج حكمها. وفي تحت هي ملخص
تطبيقي على العمليات زرع الرحم التي يتضمن فيها أهم العناصر التي تطلب معرفتها عند
التصور:
1
|
اسم
النازلة
|
العمليات
زرع الرحم
|
2
|
تصنيف
النازلة
|
مقاصد
الشريعة – ضروريات الخمس: حفظ النسل
|
3
|
صورتها
|
النساء
بالعقم بسبب مشاكل الرحم أم ولدن من غير رحم أم
الرحم
لا يعمل ولكنهن يرجأن إلى ولادة من عندهن
|
4
|
تاريخ
وقوعها ومكان حدوثها أول مرة وتكرارها
|
1931م
في الجرماني، 2000م في المملكة السعودية، 2011م في الترك، 2012م في السويد،
2014م في السويد، 27 نوفمبر 2015 في الصين
|
5
|
اسم
الذي أحدثها
|
نقل
الرحم وزرعه بحيث يمكن للمرأة أن تلد طفلها بعد العملية
|
6
|
الأسباب
والدوافع التي أدت إلى وقوعها
|
أ.
عقيمات عند النساء
بسبب مشاكل الرحم
ب. هن
عقيمات إما لأنهن ولدن من غير رحم
ج.
أو اضطررن
لاستئصاله
د.
أو لأن الرحم لا
يعمل كما يجب لسبب من الأسباب
ه.
ولدن بدون أجزاء من
المهبل ومن الرحم ومن عنق الرحم
|
7
|
الجذور
التاريخية والتطورات اللاحقة
|
-
يذكر الفقهاء عن
مفهوم الطب والعلاج من الداء أو المرض، وهما يتعلقان بالعمليات الإستقطاع الأعضاء
البشرية ونقلها إلى شخص آخر، والعضو الذي أن يتبرع أليها هو من الأعضاء النسب.
-
يرببط هذه العمليات
مدى التزام الإنسان بالمحافظة على نفس و نسب في الفقه الإسلام ومدى النقل بين
الأحياء ونقلها من ميت إلى الحي وخصوصا أعضاء النسب.
|
8
|
مدى
انتشارها
|
ينتشر
هذه العمليات غالبا عند عقيمات عند النساء بسبب مشاكل الرحم وهن عقيمات إما لأنهن ولدن من غير رحم
أو اضطررن لاستئصاله أو لأن الرحم لا يعمل كما يجب لسبب من الأسباب ولدن بدون
أجزاء من المهبل ومن الرحم ومن عنق الرحم
|
9
|
مدى
الحاجة إليها وأهميتها
|
يتعلق
بحفظ الدين والنفس والنسل أو النسب
|
10
|
ما
يترتب عليها من مصالح
|
أ.
تحصيل الولد
بالنسبة النساء المتزوجات
ب. تكثر
الولد كما يحث النبي صلى الله عليه وسلم
ج.
لا يمنع الإسلام عن
التكنولوجية خصوصا في الطبية إذا كانت لا يسقط في المضرة والمفسدة
|
11
|
ما
يترتب عليها من مفاسد
|
أ.
الإضرار ليس محقق
بالشخص المتبرع فقط، بل المستقيل
ب. النقل
الرحم يحصل إلى العقم دائما في حياتها
ج.
الرجاء العلي عند
المستقيل إلى الحمل، ولكن النتيجة ليس كما يرجأهه
|
12
|
الدراسات
السابقة
|
أ. د.
محمد أسامة عبد الله قايد، مدى مشروعية نقل الأعضاء البشرية من الناحية الجنائية
ب. د.
محمد على البار، الموقف الفقهي والأخلاقي من قضية زرع الأعضاء
ج.
د. جوده عبد الغنى
بسوني، مفهوم الموت وزراعة الأعضاء البشرية للضرورات العلاجية في ضوء الشريعة
الإسلامية
|
المدرك التكييف : تصنيف المسألة تحت ما يناسبها من النظر الفقهي، أو يقال: هو
رد المسألة إلى أصل من الأصول الشرعية. وتكييف النازلة متوقف على تحصيل أمرين: أمر
خاص يتعلق بخصوص النازلة، وأمر عام. أما الأمر الأول: فهو أن يحصل للناظر الفهم
الصحيح والتصور التام للمسألة النازلة. والأمر الثاني: وهو أن يكون لدى الناظر
المعرفة التامة بأحكام الشريعة وقواعدها، وهذا إنما يتأتى لمن استجمع شروط
الاجتهاد، من الإحاطة بالنصوص ومعرفة مواقع الاجتماع والاختلاف، والعلم بدلالات
الألفاظ وطرق الاستنباط، بحيث تكون لديه القدرة على استنباط الأحكام من مظانها. ويمكن أن يقال أن التكييف في هذا البحث
هو المناقشة تبدأ من المبحث الثاني إلى المبحث الرابع.
المدرك التطبيق : تطبيق الحكم على النازلة يُراد به: تنزيل
الحكم الشرعي على المسائل النازلة ذلك أن تصور النازلة وفهمها فهمًا صحيحًا، ثم تكييفها من الناحية الفقهية، كفيلان
بمعرفة حكم النازلة المناسب لها، وهذا هو النظر الجزئي الخاص، أما تنزيل هذا الحكم
على النازلة فهو أمر آخر؛ إذ يحتاج ذلك إلى نظر كلي عام. ومن القواعد المقررة
شرعًا وعقلاً وعرفًا في تطبيق الأحكام الخاصة على محالّها: أن ينسجم هذا التطبيق
مع المصالح العليا؛ بحيث لا يفضي تحصيل المصلحة الجزئية إلى تفويت مصلحة عظمى. والمراد
بالمصلحة العليا في الشريعة: المحافظة على الكليات الخمس: (الدين، والنفس، والعقل،
والنسل، والمال).
ثم إن تنزيل
الأحكام على النوازل أمر يحتاج إلى فقه دقيق ونظر عميق، وقد أشار السبكي إلى الفرق
بين الفقيه المطلق، وهو الذي يصنِّف ويدرِّس، وبين الفقيه المفتي، وهو الذي
يُنزِّل الأحكام الفقهية على أحوال الناس والواقعات، وذكر أن الفقيه المفتي أعلى
مرتبة من الفقيه المطلق، وأنه يحتاج إلى تبصر زائد على حفظ الفقه وأدائه. وإذا
عُلم أن تطبيق الحكم على النازلة لابد فيه من المحافظة على مقاصد الشريعة؛ فإن هذه
المحافظة تكون بمراعاة ثلاث قواعد:
الأولى: الموازنة بين المصالح والمفاسد
في الحال والمال.
الثانية: تقدير حالات الاضطرار وعموم
البلوى.
الثالثة: اعتبار الأعراف والعادات
واختلاف الأحوال والظروف والمكان والزمان.
وهذا التطبيق يمكن أن نظر إلى ما قالوا
من العلماء عن هذه العمليات وإجتهادهم وقواعدهم وفهمهم عن المسألة واستنباط بأدلة
كثيرة متنوعة من مصادر القرآن والسنة وإجماع وقياس وكل ما يمكن ليستخدمون في
إستخراج حكم عنها. وسننظر الأثر والإجتهاد والقول وما أفتى من العلماء والفقهاء في
مستقبل.
المدرك التوقف : يمكن أن نضيف مدركًا رابعًا، وهو
التوقف في الحكم على النازلة. وإنما يُصار إليه عند العجز عن تصور الواقعة تصورًا
تامًا، أو عند عدم القدرة على تكييفها من الناحية الفقهية، أو عند تكافؤ الأدلة
وعدم القدرة على ترجيح قول من الأقوال.
قال ابن عبد البر: "ومن أشكل عليه شيء لزمه الوقوف، ولم يجز له أن يحيل
على الله قولاً في دينه، لا نظير له من أصل، ولا هو في معنى أصل، وهذا الذي لا
خلاف فيه بين أئمة الأمصار قديمًا وحديثًا، فتدبره."
المبحث الثالث : مدى
التزام الإنسان بالمحافظة على نفسه من الأمراض والمحافظة على نسل أو نسب في النظرية
المقاصدية والفقه الإسلامي
الفصل
الأول : التزام الإنسان بالمحافظة على نفس
ونسل أو نسب في النظرية المقاصدية
أن الإسلام فيه
المقاصد الضرورية لحفظ النفس. حفظ النفس هو الكلية المقاصدية الشرعية الثانية،
ومعناها مراعاة حق النفس في الحياة والسلامة والكرامة والعزة، وقال الله تعالى:
" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا
بَنِي آدَمَ"[13]
وقاله أيضًا: "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ".[14]
ومن أجل حفظ النفس شرعت أحكام كثيرة منها،
مثل منع القتل وتشريع القصاص ومعاقبة المحاربين والمستخفين من حرمة النفس البشرية،
ومنع الإستنساخ البشري وغير ذلك. وزائد عن ذلك خصوصا في الطبية مثل المتاجرة
بالأعضاء والتشريح لغير ضرورة معتبرة، وحرق أجساد الموتى، كما أمر بتناول ما تقوم
به النفس من أكل وشرب وعلاج.[15]
ومن طريق لمحافظة على نفس من الأمراض، لا
بد أن يؤخذ التداوى ليعلج الداء والأمراض واستمرار به، ويشترك بالعمليات الطبية من
أي وسيلة معتبرة لا يخالف بالشريعة والعادة بيستخدم الآلات التكنولوجية المتقدمة
الواقعية، كلها يتحرك إلى آمل واحد أي حماية على الصحة في النفس والجسم وأعضاء
البدن والتصرفات اليومية والعافية في الروحي، البطني، والعقلي.
أما حفظ النسل معناه التناسل والتوالد
لإعمار الكون وحفظ النسب معناه القيام بالتناسل المشروع عن طريق العلاقة الزوجية
الشرعية، وليس في بعض المجتمعات الإباحية المادية التي لا تعلم منها لا أصول ولا
فروع ولا آباء ولا أبناء، إذ يعيش الفرد أحيانا كل حياته دون أن يعلم من أبوه ومن
أمه.[16]
انتظم الإسلام أمر العائلات في الأمة أساس
حضارتها وانتظام جامعتها، فلذلك كان العتناء بضبط نظام العائلة من مقصد الشرائع
البشرية كلها، وكان ذلك من أول ما عُنيَ به الإنسان المدنيّ في إقامة أصول مدنيته
بإلهام إلهي روعيَ فيه حفظ الإنتساب من الشك في انتسابها.[17]
قد تبتدئ آصرة القرابة في الإسلام بنسبة
البنوة والأبوة، ولكن النسل المعتبر شرعا هو الناشئ عن اتصال الزوجين بواسطة عقدة
النكاح المتقدمة المنتفي عنها الشك في النسب. واستقراء مقصد الشريعة في النسب
أفادنا أنها تقصد إلى نسب لا شك فيه ولا محيد به عن طريقة النكاح بصفاته التي
قررها. ولأن الثقة بالنسل قبل تحديد قواعد النكاح في الإسلام موكولة إلى ما في
الجبلة من إباية الناس التحاق من ليس من نسبهم بهم.[18]
الفصل الثاني : النظرية العامة على مفاهيم بين الطب والدين
والقانون
الفرع الأول : مفهوم
الطب
الطب
هو علاج الجسم والنفس، ومنه علم الطب، يقال طب المريض ونحوه طبًا أي داواه وعلاجه.
ويقال طب له أو لدائه، يطلق لفظ الطب أيضا على الرفق وحسن الإحتيال، وعلى السحر
والدأب والعادة. والطبابة هي حرفة الطب، والشقة المستطيلة من الثوب، وشقه تزاد في
الثوب ليتسع. والطبيب من حرفة الطب أو الطبابة ، وهو الذي يعالج المرضى ونحوهم،
والعالم بالطب ، والحاذق الماهر، والرفيق اللين. والجمع أطبة أو أطباء.
مفهوم
في الإصطلاح:
عرف العلماء مصطلاح
الطب بتعتريفات متعددة، تدور كلها حول معاني متقاربة، ومن هذه التعريفات ما يلي:
أ. ذهب العز بن عبد السلام سلطان العلماء بأن "الطب كالشرع
وضع لجلب مصالح السلامة والعافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام، ولدرء ما أمكن
درؤه من ذلك، ولجلب ما أمكن جلبه من ذلك ... والذي وضع الشرع هو الذي وضع الطب،
فإن كل واحد منهما موضوع لجلب مصالح العباد ودرء مفاسدهم"[20]. وغاية الطب حفظ الصحة موجودة أي حال
كونها موجودة، واستعادتها مفقودة أي حال كونها مفقودة، وإزالة العلة أو تقليلها
بقدر الإمكان.
ب. وعرفة ابن سينا بقوله
"الطب علم يتعرف منه أحوال بدن الإنسان من جهة ما يصح، ويزول عن الصحة، ليحفظ
الصحة حاصلة، ويستردها زائلة".[21]
ج. وعرفه ابن خلدون
بقوله "بأنه صناعة تنظر في بدن الإنسان من حيث يمرض ويصح، فيحاول صاحبها حفظ
الصحة وبرء المرض بالأداوة والأغدية بعد
أن يتبين المرض الذي يخص كل عضو من أعضاء البدن، وأسباب تلك الأمراض التي تنشئ
عنها، وما لكل مرض من الأدوية، ومستدلين على ذلك بأمزجة الأدوية وقواها، وعلى
المرض بالعلامات المؤذنة بنضجه، وقبوله الدواء أو لا في السجية والفضلات مجاذين
لذلك قوة الطبيعة، فإنها المديرة في حالتي القوة والمرض، وإنما الطبيب يحاذيها
ويعينها بعض الشيء بحسب ما، تقتضيه طبيعة المادة والفصل والسن."[22]
إن مفهوم الطب عند العلماء متقارب
المعنى، وما هو إلا محاولة التعرف على ما يعرض لبدن الإنسان من صحة ومرض، ومحاولة
علاج هذا المرض وشفاء الجسم منه بما يناسبه من الدواء، ولذلك فقد أوجز بعض العلماء
في تعريفه، فقالوا هو "علم وفن موضوعهما علاج المرض ومنعه."[23]
الفرع الثاني : مفهوم
العلاقة بين الطب والدين
يعتبر الدين الإسلامي
هو أول دين سماوي يحرر العلم والطب من نفوذ رجال الدين وينفي عنهم الحق المقدس في
علاج المرض بالطفوس والصلاة، وهو أول دين يعترف بالعلم والطب والدواء. وقد تبدولنا
هذه المسألة سهله وبسيطة في عصرنا الحاضر ولكن لو درسنا طروفها الحقيقة والتاريخية
لعلمنا أنها من أعظم فضائل الإسلام على الطب والحديث.
فقد كانت الأديان السابقة للإسلام لا
تعترف بالطب والدواء، وتجعل العلاج في أيدي رجال الدين وحدهم ولا يسمح لأحد غيرهم
بممارسة العلاج. وكانت النظرية السائدة أن الصلاة الإيمان لها تأثير مادي على جسم
المريض فتطرد من جسمه شيطان المرض، وأن الله تعالى قد أعطى رجال الدين المقدرة على
الشفاء. ثم الإسلام بمفاهيم جديدة للمرضى والعلاج والطب، ومن أهمها:
أ.
إن المرض من قضاء الله وقدره يصيب المؤمن كما يصيب الكافر،
ولكن المؤمن له الصبر على البلاء ثواب عظيم عند الله.
ب. ليس للإيمان والصلاة
تأثير مادي وأساسي، مع عدم إنكار أثرهما في رفع معنويات المريض.
ج. عدم قدرة رجال الدين
على الشفاء.
د.
ينبغي احترام العلم والطب والأطباء، والإستعانة بهم وبكل دواء
جيد ومتطور في الشفاء.
ه.
إن محاولة الوقابة من المرض لا تعتبر هربا من قدر الله، بل إن
الشفاء بأي وسيلة هي من قدر الله.[24]
ومن هنا صار الطب مهنه إنسانية جليلة،
بل هي من أشرف المهن وأسماها، إذ تعمل على تخفيف الآلام والعلل والأسقام التي تصيب
الإنسان في بدنه وروحه، ومن هنا اكتسبت هذه المهنة النبيلة تقدير البشرية حتى
عصرنا هذا.[25]
الفرع الثالث : مفهوم
العلاقة بين الطب والقانون
تعتبر الصلة بين الطب
والقانون وثيقة من أجل خير الإنسانية، فالطب يقدم الأمل والقانون يقدم الحماية أي
التقدم المنظم، وهذه الصلة تبداء منذ ميلاد الإنسانية، فالطب له دور في التأكيد من
بدأ الحياة أي لحظة تمام الولادة وكذلك له دور في التحقق من انتهائها أي تنتهي
بالوفاة.[26]
يعلب الطب دورا كبيرا في مجال مثل:
أ.
ممارسة الشخص لتصرفاته القانونية بنفسه
ب. الإصابات التي تصيب
جسم الإنسان سواء في مجال الحوادث وإصابات العمل
ج. المسئولية المدنية
مثل يحدد درجة العجز الجسماني وبالتالي يؤثر في تقدير مبلغ التعويض
د.
الإثبات في مسائل النسب
ه.
الطلاق بسبب المرض والعجز الجنسي
والعلاقة
بين الطب والقانون علاقة تبادلية، كل منهما يؤثر في الآخر، فالتقدم الطبي لعب دورا
كبيرا في تطور القانون، فكثير من الإعمال الطبية أصبحت مباحة بعد أن كانت غير
مشروعه، وذلك كعمليات التجميل ونقل الدم وتقل الأعضاء البشرية في بعض الدول التي
أباحت تلك العمليات.[27] وعلى هذا فإن التعاون بين الطب
والقانون وثيق من أجل خير الإنسانية، ولقد كان قمة هذا التعاون ظهور القانون الطبي
الذي ينظم العلاقات القانونية التي يرتبط بها الطبيب.
الفصل الثالث : إباحة التداوى من الأمراض في الفقه الإسلامي
لقد جعل الله سبحانه تعالى لجسم الإنسان حرمة، فلا يتعدى
عليها، لا حيا ولا ميتا، كما قال الله تعالى: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ
وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا))[28] دليل بقوله تعالى ((وَلَقَدْ
كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)) تدل على المكرم على جنس الإنسان في ذاته وروحه ودوره من أجل الخليفة في هذه الأرض،
قال تعالى: ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ
خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ
وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا
تَعْلَمُونَ)).[29]
وبالتالي أن
الإنسان أحسن الصورة وأعظم الخلق وأفضل المخلوق عند المخلوقات الذي خلق الله تعالى
في هذه العالم، بقوله تعالى: ((لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ
تَقْوِيمٍ)).[30] والمحافظة على النفس أمر شرعي يترتب
على مخالفته عقوبات دنيوية وأخروية، ومن مقتضيات المحافظة عليها حمايتها من
المخاطر في شتى أنواعها، سواء كان هذا بفعل فاعل أو كانت بفعل الإنسان ذاته
كالتعدي عليها وغير ذلك العمل بالحسنات بطريق حفاظة على الدين والنفس والعقل والنسب
من الضروريات الخمسة، بقوله تعالى ((وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا
تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ))[31] وقوله ((وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ
ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)).[32]
وأيضا فقد حرم الله تعاى الإنتحار عملا بهاتين الآيتين الكريمتين. ومن صور التعدي
على النفس هو عدم العناية بها وإهمالها ومن ذلك إهمال علاجها في حالة المرض.[33]
إذ أن المسلم في
هذه الحياة يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطئه لم يكن ليصيبه فهو مؤمن
بقضاء الله وقدره، ومع ذلك فقد أمره الشرع بالتداوي، وطلب العلاج، والأخذ بالأسباب،
وهذا لا ينافي التوكل على الله لمن اعتقد أن هذه الأسباب بإذن الله عز وجل
وتقديره. فالمسلم يتوكل على الله ويأخذ بالأسباب التي أباحها الله والأخذ بهذه
الأسباب المشروعة هو إيمان بقضاء الله لأنها من قدره، وهذه الأسباب لا تنفع
بذواتها بل بما قدره الله، وأن الدواء قد ينقلب داء إذا قدر الله ذلك.
وقد استدل على مشروعية التداوى وطلب
العلاج بأدلة كثيرة من السنة النبوية كما رواه جابر رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال: "لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيْبُ دَوَاءٌ
الدَاءِ بَرَّأ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ"[34] وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ إِلاَّ أُنْزِلَ
لَهُ شِفَاءٌ".[35]
وأيضا ما رواه
أسامة بن شريك قال، كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، وجاءت الأعراب، فقالوا
"يَا رَسُولَ اللهِ أَتَتَدَاوَى؟" فقال: "نَعَمْ! يَا عِبَادُ
اللهَ! تَدَاوُوا فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعُ دَاءٍ إِلَّا وَضَعَ
لَهُ شِفَاءٌ غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ"، فقالوا "مَا هُوَ؟"، قال:
"الهَـــــرَمُ".[36] وما رواه أبو خزامة رضي الله عنه قال،
قلتُ "يَا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ رُقَى تَسْتَرْقِيْهًا وَدَوَاءِ
نَتَدَاوَى بِهِ وَتُقَاةِ نَتُقِيْهَا، هَلْ تَرَدُّ مِنْ قَدَرُ اللهَ شَيْئًا؟"
فقال: "هِيَ مِنْ قَدَرُ الله".[37]
واهتم قانون
الطبي بصحة الإنسان اهتماما كبيرا وألزمه بالوقاية من الأمراض والتداوى منها، وهو
بذلك قد ساير أحكام الفقه الإسلامي التي
تلزم الشخص بالمحافظة على النفس وذلك بالعناية بها، وتنهاه عن إهمالها في حالة
المرض. فالمحافظة على النفس من المقصد الضرورية التي أمرنا الشارع بالمحافظة
عليها، ومن ثم يجب علينا اتباع أوامر الشارع، وذلك بالعناية والإهتمام بالنفس، ومن
مظاهر هذا الإهتمام التداوي من الأمراض وطلب العلاج. فمما لا شك فيه أن المرض ضرر
يلحق بالشخص وقد يترتب على إهمال التداوي من هذا المرض خطر جسيم يلحق بالشخص.
والضرر منهي عنه
في الإسلام، تحقيقا للقاعدة الحديثية العظيمة "لا ضرر ولا ضرار"، ومن ثم
فإنه يجب دفع هذا المرض وإزالته، تحقيقا القاعدة الفقهية "الضرر يزال"،
ولا يتحقق ذلك إلا بالإستجابة لأوامر الشارع بالتداوي من الأمراض.
المبحث الرابع : مدى
مشروعية عمليات استقطاع الأعضاء البشرية ونقلها
الفصل الأول : مفهوم عمليات استقطاع ونقل الأعضاء البشرية
في بحث مفهوم بصفة عامة[38] هي العمليات بصفة عامة أي نقل عضو سليم
أو مجموعه من الأنسجة من متبرع إلى مستقبل ليقوم مقام العضو أو النسيج التالف.
والمتبرع هو الشخص أو الحيوان الذي تؤخذ منه الأعضاء، فيمكن أن يكون المتبرع
إنسانا وهو الغالب، أو حيوانا وهو أمر أصبح نادرا الحدوث بسبب عمليات الرفض
القديمة، كذلك يمكن أن يكون المتبرع حيا أو ميتا. أما المستقبل هو الجسم الذي
يتلقى العضو ويمكن أن يكون إنسان أو حيوانا.
ويقصد عمليات
نقل الأعضاء البشرية هي استئصال عضو من الأعضاء البشرية المزدوجة من إنسان حي أو
ميت، ثم زرعه في إنسان آخر مضطرا إليه، رجاء نفعه وحياته بضوابط وقيود معينة.[39] وهذا التعريف يبين لنا طبيعة الأعضاء
التي يمكن استئصالها ونقلها من شخص إلى شخص، وهي تلك الأعضاء التي لها مثيل، دون
الأعضاء التي ليس لها مثيل يقوم مقامها كالقلب والكبد. فما يبين لنا التعريف أن
النقل قد يكون من حي أو من ميت أيضا كما يفيد هذا التعريف، أن عمليات النقل لا تتم
إلا في حالة الضرورة، وذلك بعد التحقق من توافر شروط وضوابط معينة نص عليها
الفقهاء. وماهية هذه العمليات ببيان شروط مشروعيتها من توافر الضرورة، وكون العضو
المنقول من الأعضاء المزدوجة ويتم به إنقاذ مريض من الهلاك.
قد يوجد شخص
مريض مصاب في عضو من أعضائه إصابة خطيرة قد تودي بحياته، ولا تنفع مهع أي وسيلة من
وسائل العلاج المعروفة، ولا سبيل لإنقاد حياته أو تخليصه من الآلام إلا عن طريق
استبدال العضو التالف بعض سليم يستقطع من شخص حي سليم أم من شخص ميت. وبهذين
أمرتين قد نبحث فيما يلي في مجال مشروعية استقطاع الأعضاء البشرية وتقلها بين
الأحياء ومن ميت إلى الحي.
الفصل الثاني : العمليات استقطاع الأعضاء البشرية ونقلها بين
الأحياء
آراء الفقهاء في مشروعية استقطاع الأعضاء البشرية ونقلها بين
الأحياء فيها رأيان على سبيل الإجمال أي مشروعية وعدم مشروعية.
الرأي الأول
ذهب أصحاب هذه الرأي إلى عدم جواز استقطاع عضو من آدمي لمصلحة
غيره ولو مضطرا إليه. وممن ذهب إلى هذا الرأي هم من الحنفية والمالكية والشافعية
والحنابلة والزيدية والظاهرية والإمامية ومن العلماء المعاصرين كشيخ محمد متولي
الشعراوي والدكتور حسن الشاذلي وغيرهما من العلماء.[40]
الحنفية : قال الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند
"... قال محمد بن الحسن رحمه الله: لا بأس بالتداوي بالعظم إذا كان عظم شاة
أو بقرة أو بعير أو غيره من الدواب إلا عظم الخنزير والآدمي من الحيوانات
..."، وقالوا "... الإنتفاع بأجزاء الآدمي لم يجز ..."، وقالوا
"... إذا كان برجل إنسان جراحة يكره المعالجة بعظم الخنزير والإنسان، وأنه
يحرم الإنتفاع به ..."[41]
المالكية : قال الصاوي "... فلا يجوز تناوله (الآدمي)
سواء كان حيا أو ميتا، ولو مات المضطر، وهذا هو المنصوص لأهل المذهب ..."
فتلك النصوص صريحة وقاطعة بعدم جواز الأكل من الآدمي في حالة الإضطرار ولو ترتب
على عدم الإنتفاع بالأكل موت المضطر، فيخرج على هذا الفرع الفقهي عدم جواز
الإنتفاع بأجزاء الآدمي بكل صور الإنتفاع، ومنها التداوي عن طريق نقلها إلى مريض
محتاج إليها.
الشافعية:
قال النووي "... ولا يجوز أن يقطع
لنفسه من معصوم غيره بلا خلاف، وليس للغير أن يقطع من أعضائه شيئا ليدفعه
إلى المضطر بلا خلاف، وصرح به إمام الحرمين والأصحاب ..."[42] وقال الشيخ الرملي "... ويحرم
قطعه البعض من نفسه لغيره ولو مضطرا ما لم يكن ذلك الغير نبيا فيجب له ذلك، كما
يحرم أن يقطع من غيره لنفسه من معصوم ..."[43]، وقال الشيخ الشربيني "...
والآدمي يحرم الإنتفاع به وبسائر أجزائه لكرامته ..."[44]
الحنابلة : قال البهوتي "... فإن لم يجد المضطر إلا
آدميا محقون الدم له لم يبح له قتله، ولا إتلاف عضو منه ..." وقال "...
ولا يجوز التداوى بشيء محرم أو بشيء فبه محرم ..."[45]
وقال ابن القيم "... المعالجات بالمحرمات قبيحة عقلا وشرعا ..."[46]
فقد أفتي فضيلة الشيخ محمد متولي
الشعراوي "... بأن التبرع بالشيء فرع للملكية له، فأنت تتبرع بما تملك أو
بجزء مما تملك؟ ولكن لا تستطيع أن تتبرع بشيء لا تملكه، حينئذ يكون التبرع باطلا،
والإنسان لا يملك ذاته كلها ولا يملك أبعاض أو أجزاء هذه الذات، فالإنسان لا يملك
جسد، وإنما هذا الجسد ملك لله تعالى، هو الذي خلقه، ولا يستطيع أحد أن يدعي غير
ذلك وبناء على ذلك، فإن الإنسان الذي لا يملك ذاته، ولا يملك جزاء هذه الذات لا
يملك التبرع بأعضاء جسمه ..."[47]
الرأي
الثاني
ذهب أصحاب هذا الرأي إلى جواز استقطاع الأعضاء البشرية
والإنتفاع بها بزر عنها لدى شخص آخر محتاجا إليها. وقد أفتى بهذا الرأي العديد من
المجامع والهيئات في شتى الدول الإسلامية كما أفتى بذلك أيضا الكثير من العلماء
المعاصرين. فقد افتت دار الإفتاء المصرية ردا على سؤال عن مدى جواز التبرع بجزء من
جسم الإنسان حال الحياة أو الممات، أولا بالنسبة للأحياء افتت بجواز ذلك،[48] وأصدر مجمع البحوث الإسلامية قرارا
بجواز تبرع الإنسان لغيره بعضو من أعضائه ...،[49] وجاء في فتوى مجمع الفقه الإسلامي
"... ثانيا: يجوز نقل العضو من جسم إنسان حي إلى جسم إنسان آخر إن كان العضو
يتجدد تلقائيا كالدم والجلد ..."[50]
كما جاء في فتوى هيئة كبار العلماء
بالمملكة العربية السعودية بأنه "...
يجوز نقل عضو أو جزئه من إنسان حي مسلم أو ذمي مسلم إذا دعت الحاجة إليه وأمن
الخطر من نزعه وغلب على الظن نجاح زرعه ..."[51]
وجاء في فتوى وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت بأنه "... إذا
كان المنقول منه حيا، فإذا كان الجزء المنقول يفضى إلى موته كالقلب والرئتين أو
فبه تعطيل له عن واجب كاليدين والرجلين معا، فإن النقل يكون حراما مطلقا سواء أذن
أم لو يأذن، أما نقل إحدى الكليتين أو العينين أو إحدى الأسنان أو بعض الدم فهو
جائز بشرط الحصول على إذن المنقول منه ..."[52]
جاء الشيخ جاد
الحق رحمه الله وهو شيخ الأزهر الأسبق فقد أفتى بأنه ".. يجوز نقل أو جزء من
عضو من إنسان حي متبرع لوضعه في جسم إنسان حي ..."[53]
وجاء د. يوسف القرضاوي فقد أفتى "... بأن تبرع الإنسان إنما يجوز فيما يملكه،
فكما يجوز للإنسان التبرع بجزء من ماله لمصلحة غيره ممن يحتاج إليه، فكذلك يجوز له
التبرع بجزء من بدنه لمن يحتاج إليه ..."[54]
ولكن قد اشترط
أصحاب هذا الرأي بعض الشروط حتى تتحقق المشروعية، وهذه الشروط هي:
1-
الضرورة القصوى للنقل بحيث تكون حالة المنقول إليه المرضيه في
تدهور صحي مستمر
2-
أن يتعين النقل علاجا للمريض بحيث لا يوجد دواء آخر ولا ينقذ
المريض من هلاك محقق إلا نقل عضو سليم إليه من إنسان آخر
3-
أن لا يترتب على ذلك تدهور صحة المنقول منه، أو إصابته بضرر قد
يودي بحياته أو يقعده عن الكسب
4-
أن يقرر طبيب ثقة بأن نقل العضو مفيد إفادة حقيقية للمريض
5-
أن يكون النقل بدون مقابل وذلك على سبيل التبرع
6-
أن يكون المنقول إليه العضو ممن عصم الشرع دماءهم وهم المسلمون
وأهل الذمة والعهد من الكفار
7-
أن يكون النقل بموافقة المنقول منه ورضائه
8-
أن يكون بين المنقول والمنقول إليه درجة قرابة
9-
أن يكون العضو المنقول من الأعضاء المزدوجة، فلا يجوز نقل أحد
الأعضاء المفردة التي يؤدي نزرع إلى هلاك المنقول منه
10-
أن لا يكون العضو المنقول من الأعضاء التي تحمل الصفات
الوراثية وذلك مثل الخصية منعا لإختلاط الأنساب. فقد قرر مجمع الفقه الإسلامي بأنه
"... لما كانت الخصية والمبيض يستمران في حمل وإفراز الصفات الوراثية للمنقول
منه حتى بعد زرعهما في ملتقي جديد فإن زرعهما محمرم شرعا ..."[55]
الأدلة
واستدل أصحاب الرأي الأول وأصحاب الرأي الثاني على عدم مشروعية
استقطاع الأعضاء البشرية ونقلها بين الأحياء بأدلة من القرآن والسنة والمعقول كثيرا
جدا، كما حاولوا الإستدلال بالقواعد الفقهية أيضا. عندهم حجة عميقة تفصيلية لتبين
ما ينظرون في هذه المسئلة على وجه الدلالة، ويمكن أن يعترض أدلتهم بأدلة آخر ممن
يخالفهم حتى يرشدنا على ما أرجح القول في رأيهم. وهم يستنبطون الحكم من فهمهم عن
النصوص النقلية وقواعد الأحكام ومقاصد الشرعية ويبحثها متعلقة بمقصد الوقاعية
والنوازلة.
وسبب
الخلاف عندهم العلماء على مشروعية أو عدم مشروعية لأن يرجع إلى عدم وجود نص صريحة
يبيح أو يحرم هذه العمليات بصفة قطعية، ولذا كان إجتهاد الفقهاء فيما ذهبوا إليه،
وحاولوا الإعتماد على ظاهر بعض النصوص من القرآن والسنة، كما حاول تطبيق القواعد
الفقهية في هذا الشأن فضلا عن إعمال العقل.
وأيضا
السؤال في كون أجزاء الإنسان، "هل هي ملك لله تعالى أم ملك للإنسان. فمن قال
بأنها ملك للإنسان أجاز له التصرف فيها بما لا يضره، ومن قال إنها ملك لله تعالى
منع تصرفه فيها. ولكن هذا القول محل نظر لأن لا خلاف بين العلماء في أن أجزاء
الإنسان إنما هي ملك لله تعالى، غير أن أصحاب الرأي الأول جعلوا الإنسان أمنيا على
أعضائه ينتفع بها، ولا يحق له التصرف فيها لغيره. وأما أصحاب الرأي الثاني جعلوا الإنسان
حق التصرف فيها لنفع غيره.[56]
الرأي المختار
بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها في مدى مشروعية
العمليات الإستقطاع الأعضاء الآدمي ونقلها بين الأحياء يتضح لنا بمشروعية استقطاع
الأعضاء البشرية ونقلها بين الأحياء. لو لم يوجد نص صريح يبيحها أو يحرمها وهي قيل
من الأمور المشتبه في حكمها، ليس بمعنى يجب انقاؤها حذرا من الوقوع في الحرام، لأن
الأمور الحديثة والمستجدة شدة على الحكم النوازلة ليحل المسألة الوقاعية.
إذ كانت في
اليوم هذا بالصناعية المتقدمة والتكنولوخية الجديدة، لا يستحيل على أن يدفع الأمور
التى يميل إلى الضعف والهلاك على المتبرع أم المنقول إليه. إن حفظ النفس هو من
المقاصد الضرورية التي أمرنا الشرع بالمحافظة عليها، واستقطاع أحد من الأعضاء
الآدمي ونقلها إلى آخر تدخل إلى هذه الأمر ويتبرع الشيء في ملكنا هي من الصدقة،
وأفضل الصدقة أن يعطي لمن يحتاج إليه خصوصا المرضى الحاجية.
إن نقل عضو آدمي
من شخص إلى آخر محتاج إليه يعتبر نوعا من الصدقة، إذا لا تقتصر الصدقة على المال،
وإنما كل معروف صدقة، والتبرع بالأعضاء من أعلى أنواع الصدقة وأفضلها لأن البدن
أفضل من المال، والمرء يجود بماله لإنقاذ جزء من بدنه، ومن ثم يعتبر تبرعه بعضو من
جسده قربة لله تعالى من أفضل القربات وأعظم الصدقة.
والدليل على هذا
الرأي المختار هم:
1-
قوله تعالى: "فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ
فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"[57]
وقوله تعالى: "فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ
ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"[58]
وقوله تعالى أيضا: "وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا
اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ
عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ"[59].
تدل هذه الآيات على جواز التغذي أو التنفع بالمحرمات في حالات الاضطرار، فأعضاء
الإنسان وإن كان من المحرمات إلا أنه يجوز اتخاذهم وسيلة للعلاج في الحالة
الضرورة، لإبقاء للحياة وحفظا للصحة[60]
وإثبات على الخلق الإنسان بجنسهم التي خلق الله تعالى على نفسهم، فإذا كان حكم
اضطرار حكما عاما يسرى على جميع المحرمات فإنه يسرى أيضا على الإنتفاع بأجزاء
الآدمي.
2-
قال الله تعالى: "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ
ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"[61]
وقوله تعالى: "وَلَا
تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا[62].
3-
قال الله تعالى: "وَيُؤْثِرُونَ
عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ
فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"[63].
هذا الدليل تدل على إن تبرع الإنسان بشيء من جسده أو من أعضائه لا يصدر عنه إلا في
أشد حالات ألضرورة لشخص عزيز عليه، ومن أجل تقديم منفعة جليلة لغيره، مبتغيا بها
وجه الله تعالى. ولا شك أن هذا يمثل الإيثار الذي مدح الله تعالى به أصحاب الرسول
صلى الله عليه وسلم كما دلت عليه الآية الكريمة.[64]
4-
"الضرورات تبيح المحظورات"، وهي إحدى القواعد المتفرعة
عن القاعدة الكلية "الضرر ولا ضرار. فالشارع يعتد بحالة الضرورة ويجعل منها
سببا لإباحة ما هو مشروع حتى يمكن دفع الضرر منهي عنه، فالمريض التي يحتاج لنقل
العضو الآدمي إليه لإنقاذه من الهلاك فإنه يكون مضطرا، فيجوز علاجه حينئذ بنقل هذا
العضو إليه، إبقاء للحياة وحفظا للصحة وإثبات للخلق الجنس.
الفصل
الثالث : العمليات استقطاع الأعضاء البشرية
ونقلها من ميت إلى الحي
إختلف
الفقهاء في هذه المسألة على رأيين على سبيل الإجمال، أي الرأي الأول: يرى أصحابه
على مشروعية نقل الأعضاء البشرية من ميت إلى الحي، وأما الرأي الثاني: يرى أصحابه
عدم مشروعية نقل الأعضاء البشرية من ميت إلى الحي.
الرأي الأول
ذهب
أصحاب هذا الرأي إلى مشروعية استقطاع الأعضاء البشرية ونقلها من ميت إلى حي. وممن
ذهب إلى هذا هم الشافعية في الأصح، وبعض المالكية وبعض الحنابلة والإمامية. وذلك
تخريجا على قولهم بجواز أكل المضطر من آدمي ميت إذا لم يجد غيره، كما صدرت به
العديد من الفتاوى المعاصرة من هيئات متعددة. كما أفتى به الكثير من العلماء
المعاصرين، وقد اشترط أصحاب هذا الرأي بعض الشروط حتى تتحقق مشروعية النقل.
الرأي
الثاني
ذهب أصحاب هذا الرأي إلى عدم مشروعية استقطاع الأعضاء
البشرية ونقلها من ميت إلى حي ولو كان مضطرا إليه. وممن ذهب إلى ذلك الحنفية،
والمالكية، والشافعية في وجه، وأكثر الحنابلة، والظاهرية، والزيدية، تخريجا على
قولهم بعدم جواز لأكل من آدمي ميت، كما أفتى بهذا الرأي بعض العلماء المعاصرين.
ومن الفتاوى علماء المعاصرين عن ذلك مثل
فتوى فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي بانه "... إذا تحققت الوفاة فلا أعضاء
تصلح، وإذا تحققت الوفاة فيكون قتلا متعمدا أو اعتداء على حياة إنسان حي ..."[65]،
وكما أفتي فضيلة الشيخ عبد الرحمن العدوي "... بانه الإنسان لا يملك أعضاء
نفسه فهي ملك الله تعالى، والإنسان منتفع بها حسب ما أعطاها الله من صلاحية
الإنتفاع، وهو مكلف بالمحافظة عليها وعدم إلحاق الضرر بها، وما دام غير مالك
لأعضائه فليس له أن يتبرع بشيء منها أو يوصي بها بعد موته ..."[66]
الأدلة
وسبب
الخلاف بين الفقهاء مدي استقطاع الأعضاء البشرية ونقلها من ميت إلى الحي يرجع إلى
مدى اعتبار هذا النقل مساسا بحرمة الميت أم لا، لما روي عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: "كسر عظم اليت ككسره حيا". فمن اعتبر النقل مساسا بحرمة
الميت ذهب إلى عدم مشروعية العمليات، ومن اعتبر النقل غير مساسا بحرمة الميت ذهب
إلى مشروعية عمليات النقل.
شروط
نقل الأعضاء من الموتى إلى الأحياء
اشتراط
أصحاب الرأي الأول القائل بمشروعية استقطاع الأعضاء البشرية من جثث الموتى ونقلها
إلى الأحياء بعض الشروط حتى تتحقق المشروعية، وهذه الشروط هي:
1-
أن يكون الشخص المنقول إليه العضو مضطرا إلى ذلك بأن يخاف على
نفسه الهلاك أو الضرر الشديد إن لم تداوى بهذا الجزء.
2-
أن يتعين النقل علاجا، بحث لا يوجد ما يتداوى به غير نقل هذا
العضو.
3-
أن يقرر طبيب ثقة حاذق بالطب، ويغلب على الظن استفادة المريض
من هذا العضو.
4-
ألا يكون العضو من الأعضاء التي تحمل الصفات الوراثية كالحيضة
والمبيضة.
5-
ان يكون المأخوذ منه العضو مكلفا وقد أذن بذلك في حياته، فإذا
لم يأذن بذلك اشترط مواقفة أهله حتى يتم النقل حينئذ، وإذا كانت الجثة مجهولة ولم
تعرف هويتها اشترط مواقفة ولي أمر المسلمين.
6-
ألا يترتب على الإقتطاع من الميت تمثيل به، لنهي النبي صلى
الله عليه وسل عن المثلة.
7-
أن يكون النقل على سبيل التبرع.
8-
ألا يكون المضطر ذميا أو معاهدا أو مستأمنا إذا كتنت جثة الميت
لمسلم.
9-
أن يكون تامضطر معصوم الدم، فلو كان مهدر الدم لم يجز الإنتفاعبأعضاء
الآدمي الميت.
11-
أن يكون إستقطاع العضو بعد تحقق الوفاة فعلآ، فلا بد أن يكون
المنقول منه العضو قد تحقق موته بالمفارقة التامة للحياة. حتى لا يقضي إلى تعجل
قتل إنسان لا زالت تنبض فيه الحياة، وليس لمجرد قرب الوفاة أثر في جواز الإستقطاع.[68]
الرأي المختار
بعد عرض آراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشتها في مدى مشروعية
استقطاع الأعضاء البشرية من جثث الموتى ونقلها إلى الحي، الأرجح هو الراي الأول
القائل بمشروعية هذه العمليات بالضوابط والقيود المشروطة، وذلك لقوة أدلتهم، كما
أن دفع الضرر مقصود في الشريعة الإسلامية أي تطبيقا للقاعدة الكلية "لا ضرر
ولا ضرار"، فيجب دفع الضرر عن المريض بنقل العضو إليه.
والدليل على هذا الرأي المختار، وهم:
1-
قوله تعالى: "فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ
فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"[69]
وقوله تعالى: "فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ
ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"[70].
فهاتان الآيتان وتحوهما من آيات الإضطرار، تعتبر كل منها أصلا للقاعدة الفقهية
"الضرورات تبيح المحظورات"، ورفع الإثم المذكور في هذه الآيات أعم من
الإباحة أو الوجوب، فقد يكون تناول المضطر لشيئ من هذه المحرمات مباحا، وقد يكون
واجبا إذا خشي على نفسه الهلاك.
وكثيرا منها متساوي بالأدلة في مدى
مشروعية العمليات الإستقطاع الأعضاء الآدمي ونقلها بين الأحياء.
المبحث الخامس :
مدى نقل أو زراعة الرحم من الأعضاء التناسلية
الفصل الأول : قرار
بمجلة المجمع
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس
بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان 1410هـ الموافق 14-20 آزار
(مارس)1990م، بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات المتعلقة بهذا الموضوع الذي كان
أحد موضوعات الندوة الفقهية الطبية السادسة المنعقدة في الكويت من 23 – 26 ربيع
الأول 1410 هـ الموافق 23-26/10/1990م ، بالتعاون بين هذا المجمع وبين المنظمة
الإسلامية للعلوم الطبية.
قرر ما يلي :
أولاً : زرع الغدد التناسلية : بما أن الخصية والمبيض يستمران
في حمل وإفراز الصفات الوراثية (الشفرة الوراثية) للمنقول منه حتى بعد زرعهما في
متلقٍّ جديد ، فإن زرعهما محرم شرعاً.
ثانياً : زرع أعضاء الجهاز التناسلي : زرع بعض أعضاء الجهاز
التناسلي التي لا تنقل الصفات الوراثية – ما عدا العورات المغلظة – جائز لضرورة
مشروعة ووفق الضوابط والمعايير الشرعية المبينة في القرار رقم 26 (1/4) لهذا
المجمع .[71]
الفصل الثاني : المناقشة
الثاني
إختلف
العلماء المعاصرون في هذه المسألة، وهذه المسألة كما تعلم من النوازل المعاصرة،
وقد فرقوا فيما إذا كانت الزراعة لعضو ينقل الصفات الوراثية أم لا، وإليك تفصيل
المسألة في كلا الحالتين.
الفرع
الأول :
حكم زراعة الغدد التناسلية التي تنقل الصفات الوراثية مثل: الخصيتين والمبيضين. إختلف
أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال
:
القول
الأول: يحرم غرس الغدد التناسلية (الخصيتين
والمبيضين). وهذا ما عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي، وتوصية الندوة الفقهية الطبية .هو قول الدكتور خالد الجميلي،
والدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين، والدكتور محمد الطيب النجار، والدكتور عبد
الجليل شلبي، والشيخ أحمد حسن مسلم، والشيخ محمد حمد جمال، والدكتور محمد
الشنقيطي، والدكتور عبد الستار أبو غدة. واستدلوا: أن المعتبر قوله في تحقيق مناط
المسألة الفقهية للوصول إلى حكمها الشرعي هم أهل الاختصاص والمعرفة ، وهم في هذه
المسألة الأطباء.
بعد
الرجوع إليهم وجدوا أن نقل الخصيتين والمبيضين يوجب انتقال الصفات الوارثية
الموجودة في الشخص المنقولة منه إلى أبناء الشخص المنقولة إليه الخصية ، وهذه شبهة
موجبة للتحريم، وذهب بعضهم أن علة اختلاط الأنساب موجودة في هذه المسألة فيقاس على
الزنا في الحرمة .
القول
الثاني : يجوز نقل الغدد التناسلية التي تنقل
الصفات الوارثية .وهو قول الدكتور
محمد سليمان الأشقر، والشيخ سيد سابق .
القول
الثالث : يجوز نقل إحدى الغدد التناسلية من
الحي إلى الحي .وأفتت بذلك
مشيخة الأزهر، والشيخ عبد القديم يوسف. واستدلوا : 1) إن نقل الخصيتين يؤدي إلى قطع نسل
المتبرع، بخلاف نقل أحدهما وترك الأخرى، 2) يجوز نقل إحدى الخصيتين وترك الأخرى،
كما يجوز نقل إحدى الكليتين والرئتين بجامع الحاجة في كل
.
الفرع
الثاني :
حكم زراعة الغدد التناسلية التي لا تنقل الصفات الوراثية
.اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول
الأول: يحرم غرس الأعضاء التناسلية التي لا تنقل
الصفات الوارثية. وهو قول الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين. والشيخ حمداتي له
بحث بعنوان: "زراعة الغدد التناسلية أو زراعة رحم امرأة في رحم امرأة
أخرى" في مجلة الفقه الإسلامي .
القول
الثاني: يجوز غرس الأعضاء التناسلية التي لا
تنقل الصفات الوراثية. وهو قول الدكتور محمد سليمان الأشقر، والدكتور خالد الجميلي.
القول
الثالث: التفصيل
.يجوز نقل الأعضاء التناسلية عدا العورات المغلظة .وهذا ما عليه قرار مجمع الفقه
الإسلامي ، وهو توصية الندوة الفقهية الطبية الخامسة.
الفصل
الثالث : المناقشة الثالث[74]
الفرع
الأول :
زراعة الرحم للمرأة التي فقدت رحمها أو القدرة على الإنجاب لا حرج فيه .
وقد
صدر بذلك قرار من مجمع الفقه الإسلامي جاء فيه: "زرع بعض أعضاء الجهاز
التناسلي التي لا تنقل الصفات الوراثيةـ ما عدا العورات المغلظةـ جائز لضرورة
مشروعة، ووفق الضوابط والمعايير الشرعية"[75]. والرحم
لا يحمل شيئاً من الصفات الوراثية التي يخشى انتقالها للمنقولة إليها، وإنما هو
عبارة عن وعاء ينمو فيه الجنين .
الفرع
الثاني :
المبيض هو عضو التأنيث في المرأة، والذي يقابل الخصية في الرجل، ويقوم المبيض
بوظيفتين:
الأول
: كغدة تفرز الهرمونات الأنثوية الضرورية لأنوثة المرأة
.
الثاني:
إنتاج البويضات، في سن البلوغ إلى سن اليأس، اللازمة لحدوث الحمل في وجود
الحيوانات المنوية الذكرية .
وهذه
البويضات تحمل الصفات الوراثية، وتختلف من امرأة لأخرى، وإذا فُرض ونجحت هذه
العملية ونُقل مبيض امرأة إلى أخرى، فإنه يحمل الصفات الوراثية من امرأة إلى امرأة
غريبة عنها تماماً، وبالتالي فذلك يعتبر خلطاً في الأنساب".[76] فالمبيض
هو المسئول عن صناعة البويضة ، وهي بذرة المرأة التي منها تنتقل خصائصها وخصائص
أصولها إلى ذريتها .
ولذلك
صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بتحريم زراعة المبيض، جاء فيه: " بما
أن الخصية والمبيض يستمران في حمل وإفراز الصفات الوراثية (الشفرة الوراثية)
للمنقول منه ، حتى بعد زرعهما في متلق جديد ، فإن زرعهما محرم شرعاً ".[77]
الفصل
الرابع : فرق بين زراعة الرحم وزراعة المبايض: ضوابط شرعية
وأوضح
الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الاسبق الضوابط الشرعية لهذه القضية الحديثة قائلا: «لا شك أن حفظ الانساب أحد المقاصد
الخمسة الرئيسية للشريعة الاسلامية لهذا حرم الاسلام كل ما من شأنه أن يمس حفظ
الانساب سواء بعلم أطرافه أو جهلهم، ولهذا حرم الاسلام أي انجاب يدخل فيه طرف ثالث
غير الزوجين سواء كان ذلك بالتراضي أو من دونه. وقد توعد الله كل من يتلاعب
بالانساب فأوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم أن التداوي مباح شرعاً للحصول على
الذرية، ولكن لا يكون هذا التداوي بما حرمه الله الذي جعل من المشاهد التي رآها
ليلة الاسراء والمعراج نساء معلقات بثديهن فتعجب الرسول من منظرهن وسأل جبريل
قائلاً: من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم.
وبين في حديث آخر جزاء من تتعمد خلط
الانساب مهما كانت المبررات فقال "اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم من
ليس منهم فأكل حرائبهم واطلع على عوراتهم".[78]
شير
الدكتورة عبلة الكحلاوي العميدة السابقة لكلية الدراسات الاسلامية إلى
أن قضية الانساب في الاسلام لها خطوط حمراء غير قابلة للتجاوز مهما كانت
الأسباب والمبررات، ومن يتأمل في هذه القضية العلمية المذكورة سيجد فيها مخالفة
صريحة لتعاليم الاسلام ولا قيمة كون المبيض من أخت من أنجبت الطفلة لأن كل ما يؤدي
إلى الحرام فهو حرام، فهذه قاعدة فقهية ثابتة ولا يمكن أن ننال ما عند الله
بمعصيته حتى ولو كان الهدف الحصول على الذرية التي وصفها الله بأنها من زينة
الحياة الدنيا لأنه فطرة انسانية، وهذا ما أكدته المجامع الفقهية المعاصرة وأجمعت
عليه المذاهب الفقهية الاسلامية، حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت
آية الملاعنة قال «أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شىء ولن
يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله عنه يوم القيامة
وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين.
فالإسلام
يعمل على حفظ الانساب من أي شبهة اختلاط واعترف بأن حب الانجاب فطرة خلق الله
الانسان عليها ولهذا قال تعالى «وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ
مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ
يَكْفُرُونَ»، فإذا كان الانجاب فطرة وغاية نبيلة فلا بد أن يكون الطريق اليه
مشروعاً حتى نصل إلى اشباع الفطرة السوية ونصل إلى الزينة الدنيوية المشروعة التي
قال عنها الله سبحانه وتعالي «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا». ولهذا نحذر من الانبهار بما توصل اليه الطب وننسى تعاليم الاديان
التي تحمي الانسان من نفسه الامارة بالسوء والتي أباحت له العلاقات الشاذة باسم
الزواج المثلي وأباحت التبني لعلاج هذا القصور، وفي الوقت نفسه ضاعت الأسرة في
الغرب بسبب التهاون في العلاقات الجنسية والعبث العلمي البعيد عن الأديان.[79]
عود
القصة إلى أن الاطباء استطاعوا في سابقة في العالم جعل امرأة تدعى سوزان بوتشر
تنجب أول طفلة بعد عام من خضوعها لعملية زرع مبيض من شقيقتها التوأم بعد إصابتها
بأعراض سن اليأس مبكراً وبلوغها التاسعة والثلاثين.
واعتبرت
الأم بعد أن وضعت طفلتها في أحد المستشفيات الخاصة في لندن عن فرحتها
الشديدة قائلة: "لم أستوعب بعد مسألة أن أكون أول امرأة في العالم تنجب بعد
عملية زرع مبيض كامل، أنا في أشد الامتنان للأطباء الذين جعلوا ذلك ممكنا ولشقيقتي
بالطبع. وأنا محظوظة جداً بأن أتيحت لي هذه الفرصة الرائعة التي منحتني إحساسا
بالاكتمال لم أكن لأشعر به من دونها".
وأكد
الأطباء الذين قاموا بالعملية الفريدة أن بوتشر التي تحمل الجنسية ألالمانية وضعت
طفلتها بعملية قيصرية بعد مدة حمل كامل دون أن تشعر بآلام الطلق. وبلغ وزن الطفلة
لدى ولادتها 3.6 كيلوغرامات.
وكانت
بوتشر اكتشفت أنها عاقر قبل 12 عاماً وقام بعملية زرع المبيض الطبيب شيرمان سيلبر
في عيادة العقم في سانت لوي في ولاية ميسوري بالولايات المتحدة. وكان الطبيب قام
بعملية زرع نسيج مبيض لتسع نساء من قبل إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها
عملية زرع مبيض كامل. وتم ذلك باستخدام أساليب الجراحة الدقيقة لإعادة وصله
بالدورة الدموية وتثبيته بالقرب من قناة فالوب حتى يمكن قذف البويضات لتنتقل داخل
الأنبوب نحو الرحم بالطريقة الطبيعية.
وقال
سيلبر عن هذه العملية في مؤتمر صحافي "إن المبيض المزروع بالكامل يحتمل أن
يدوم أكثر من شرائح الأنسجة المبيضية وقد يمكن استئصاله وزرعه ثانية بعد تخزينه
فترات طويلة، وهذا قد يحسن فرص النساء اللواتي يؤجلن الإنجاب لأسباب مهنية أو
يرغبن في الإنجاب في سن متقدمة".[80]
هل
الأم هي الأم البيولوجية صاحبة الجينات الوراثية التي تنقل الصفات والملامح
والشيات إلى الوليد؟ أو هي التي تحمله وتغذيه من دمها وتضعه بعد تسعة أشهر؟ هنا
حصل خلاف بين الباحثين وانقسموا إلى فريقين
:
الفريق
الأول: يرى أن الأم النسبية والحقيقية والتي
ترث هي صاحبة البويضة، أما صاحبة الرحم المستأجر التي حملته وولدته فهي مثل أم
الرضاع فهي أم حكمية أي نحكم لها بأنها أم باعتبار الحضانة والتغذية، ولا يثبت لها
النسب، وإنما يثبت لها حكم الرضاع ... ثم ذكر أدلة القائلين بهذا القول.
الفريق
الثاني: وقد ذهب هؤلاء إلى أن الأم الحقيقية
التي ترث هي الأم صاحبة الرحم التي حملت وولدت، أما صاحبة البويضة فهي أم حكمية
مثل أم الرضاع ... ثم ذكر أدلة القائلين بهذا القول وخلص البحث بترجيح القول الأول
وهو أن المرأة صاحبة البويضة هي الأم الحقيقية ويثبت لها جميع أحكام الميراث
والنفقة والحضانة وغيرها، وذلك باعتبار البويضة ، ولأن الطفل يأخذ من صاحبة
البويضة كل الصفات الوراثية، أما المرأة صاحبة الرحم المستأجر – الأم البديلة –
فهي أم حكمية، لا يثبت لها النسب؛ وإنما لها حكم الرضاع " انتهى من المصدر
السابق. وإذا كان هذا في البويضة الواحدة فالقول كذلك في المبيض.[81]
المراجعة
http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=456010
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=62377
http://hayatouki.com/news/content/1867491
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=44206
http://www.alriyadh.com/1107950
http://www.alarabiya.net/articles/2012/09/20/239073.html
http://www.lahamag.com/Details/25658
https://en.wikipedia.org/wiki/Uterus_transplantation
https://islamqa.info/ar/129161
الإمام
محمد الطاهر ابن عاشور، مقاصد الشريعة الإسلامية، 1430ه/2009م، الطبعة الرابعة،
القاهرة: دار السلام وتونس: دار سخنون للنشر والتوزيع.
إبن
قيم الجوزية، الطب النبوي، دار المصرية اللبنانية
أبو
زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، المجموع شرح المهذب
الأزهر
كلية الشريعة والقانون بطنطا قسم الفقه المقارن س بن إدريس البهوتي، كشاف القناع
عن متن الإقناع
د.
نور الدين من مختار الخادمي، علم المقاصد الشريعة، 1421ه، الرياض: مكتبة العبيكان،
الجزء الأول
د.
محمد بن المختار بن أحمد مزيد الشنقيطي، أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة
عليها، الطبعة الثانية، 1415ه/1994م، الإمارات الشارقة: دار الصحابة
د.
محمد على البار، الموقف الفقهي والأخلاقي من قضية زرع الأعضاء، الطبعة الأول،
1414ه/1994م، بيروت: الدار الشامية ودمشق: دار القلم
د.
محمد شفيق غبريال، الموسوعة العربية الميسرة، دار القلم
د.
أحمد شوقي الفنجري، الطب الوقائي في الإسلام
د.
محمد أسامة عبد الله قايد، مدى مشروعية نقل الأعضاء البشرية من الناحية الجنائية،
بحث منشور بالمجلة الجنائية القومية، المجلد الحادي والعشرون، مارس 1978، العدد
الأول
د.
حسام الدين كامل الأهواني، المشاكل القانونية التي تثيرها عمليات زرع الأعضاء
البشرية، بحث منشور بمجلة العلوم القانونية والإقتصادية لسنة 1975، العدد الأول
د.
محمود عبد العزيز الزيني، مسئولية الأطباء، مؤسسة الثقافة الجامعية
د.
جوده عبد الغنى بسوني، مفهوم الموت وزراعة الأعضاء البشرية للضرورات العلاجية في
ضوء الشريعة الإسلامية، بحث منشور بمجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا، العدد
الخامس العشر، 1422ه/2002م، 1/181
د.
حسن على الشاذلي، بحث منشور بمجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الرابعة، العدد
الرابع، عام 1408ه/1988م
د.
أحمد شرف الدين، الأحكام الشرعية للأعمال الطبية، الطبعة الثانية، 1408ه/1987م
د.
يوسف القرضاوي، فتاوى معاصرة، 2/532، المنصورة: دار الوفاء
د.
أحمد شرف الدين، الأحكام الشرعية للأعمال الطبية، المرجع السابق، ص: 133، وأحكام
الجراحة الطبية
شيخ
الإسلام العز الدين بن العزيز عبد السلام، القواعد الكبرى الموسوم بقواعد الأحكام
في مصالح الأنام، تحقيق الدكتور نزيد كمال حماد والدكتور عثمان جمعة ضميرية، الجزء
الأول، دمشق: دار القلم
الشيخ
الرئيس أبو علي الحسين بن علي بن سينا، القانون في الطب، الجزء الأول، الطبعة
الأول 1420ه/1999م، بيروت – لبنان: دار الكتب العلمية
الشيخ
جاد الحق علي جاد الحق، نقل الأعضاء من إنسان لآخر، منشور بمجلة المحاماة، العدد
7و8، سبتمبر – أكتوبر 1980
العلامة
الهمام مولانا الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند الأعلام، الفتاوى الهندية
عبد
الرحمن بن محمد بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، 1/493، من منشورات مؤسسة الأعلمي
للمطبوعات
قرارات
وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، الدورات من 1:10، القرارات من 1:98
مجلة
اللواء الإسلامي، العدد 226، جماد الأخرة 1407ه، 26/01/1987
مجلة
صوت الأزهر، العدد 80
مجلة
عقيدتي بتاريخ 5 صفر 1418ه / 10 يونيو 1997م
مجلة
منبر الإسلام عدد 2، لسنة 51، صفر 1413ه
مجموعة
الفتاوى الإسلامية: 10/3705:3702 مجلة صوت الأزهر، ذي القعدة 1421ه/26 يناير 2001م
العدد 70، ص: 2
مجموعة
الفتاوى الإسلامية
محمد
بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي - علي بن علي الشبراملسي - أحمد
بن عبد الرزاق المغربي الرشيدي، نهاية المحتاج إلي شرح المنهاج ومعه حاشية
الشبراملسي وحاشية المغربي الرشيدي
محمد
بن حسين الجيراني، فقه النوازل دراسة تأصيلية تطبيقية، المجلد الأول، 1428ه/2006م،
الطبعة الثانية، دار ابن جوزي
محمد
بن محمد الخطيب الشربينى، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج
محمد
بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد
المعجم
الوسيط، ولسان العرب، والمصباح المنير والقاموس المحيط
منصور
بن يون نخبة من أساتذة القسم بالكلية، قضايا طبية معاصرة دراسة فقهية مقارنة،
جامعة
نخبة
من أساتذة القسم بالكلية، قضايا طبية معاصرة دراسة فقهية مقارنة، جامعة الأزهر
كلية الشريعة والقانون بطنطا قسم الفقه المقارن، 1432ه/2011م
[1] http://www.alriyadh.com/1107950
[2] http://hayatouki.com/news/content/1867491
[3] http://www.alarabiya.net/articles/2012/09/20/239073.html
[4]
MRKH (Mayer Rokitansky Küster Hauser) syndrome is a congenital
(born with) abnormality, characterised by the absence of the vagina, cervix and
the uterus (womb), which affects one in every 5,000 women. It is also
associated with kidney, bone and hearing difficulties. (www.mrkh.org.uk/mrkh.html)
[5] http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=456010
[6] https://en.wikipedia.org/wiki/Uterus_transplantation
[9] http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=456010
[10] محمد بن حسين الجيراني، فقه
النوازل دراسة تأصيلية تطبيقية، المجلد الأول، 1428ه/2006م، الطبعة الثانية، دار
ابن جوزي، ص:19.
[15] د. نور الدين من مختار الخادمي، علم المقاصد
الشريعة، 1421ه، الرياض: مكتبة العبيكان، الجزء الأول، ص: 82-81.
[17] الإمام محمد الطاهر ابن عاشور، مقاصد الشريعة
الإسلامية، 1430ه/2009م، الطبعة الرابعة، القاهرة: دار السلام وتونس: دار سخنون
للنشر والتوزيع، ص: 182-183.
[20] شيخ الإسلام العز الدين بن
العزيز عبد السلام، القواعد الكبرى الموسوم بقواعد الأحكام في مصالح الأنام، تحقيق
الدكتور نزيد كمال حماد والدكتور عثمان جمعة ضميرية، الجزء الأول، دمشق: دار
القلم، ص: 8 أو نظر إلى
http://madrasato-mohammed.com/mawsoaat_asol_fiqh_03/pg_016_0001.htm
[21] الشيخ الرئيس أبو علي الحسين
بن علي بن سينا، القانون في الطب، الجزء الأول، الطبعة الأول 1420ه/1999م، بيروت –
لبنان: دار الكتب العلمية، ص: 13.
[26] د. محمد أسامة عبد الله قايد، مدى مشروعية نقل
الأعضاء البشرية من الناحية الجنائية، بحث منشور بالمجلة الجنائية القومية، المجلد
الحادي والعشرون، مارس 1978، العدد الأول، ص: 105.
[27] د. حسام الدين كامل الأهواني، المشاكل القانونية
التي تثيرها عمليات زرع الأعضاء البشرية، بحث منشور بمجلة العلوم القانونية
والإقتصادية لسنة 1975، العدد الأول، ص: 10.
[34] أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب السلام، باب لكل داء
دواء واستحباب التداوى، وأحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك: كتاب الطب، وقال
الحاكم "هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".
[35] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المرضي والطب، باب
ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء. وأجرجه ابن ماجة في سننه: كتاب الطب، باب ما
أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء. وأخرجه أحمد في مسنده. والحاكم في المستدرك: كتاب
الطب.
[36] أخرجه ابن ماجة في سننه: المرجع السابق. وأخرجه
الترميذي في سننه: كتاب الطب، باب ما جاء في الدواء والحث عليه، وقال الترميذي
"هذا حديث حسن صحيح".
[37] أخرجه أحمد في مسنده، والترميذي في سننه: كتاب
الطب، باب ما جاء في الرقي الأدوية، وقال الترميذي "هذا حديث حسن"، وابن
ماجة في سننه: كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء.
[38] د. محمد على البار، الموقف الفقهي والأخلاقي من
قضية زرع الأعضاء، الطبعة الأول، 1414ه/1994م، بيروت: الدار الشامية ودمشق: دار
القلم، ص: 19.
[39] د. جوده عبد الغنى بسوني، مفهوم الموت وزراعة
الأعضاء البشرية للضرورات العلاجية في ضوء الشريعة الإسلامية، بحث منشور بمجلة
كلية الشريعة والقانون بطنطا، العدد الخامس العشر، 1422ه/2002م، 1/181.
[40] د. محمد بن المختار بن أحمد مزيد الشنقيطي،
أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها، الطبعة الثانية، 1415ه/1994م،
الإمارات الشارقة: دار الصحابة، ص: 354.
[43] محمد بن أبي العباس أحمد بن
حمزة بن شهاب الدين الرملي - علي بن علي الشبراملسي - أحمد بن عبد الرزاق المغربي
الرشيدي، نهاية المحتاج إلي شرح المنهاج ومعه حاشية الشبراملسي وحاشية المغربي
الرشيدي، 8/163.
[48] مجموعة الفتاوى الإسلامية: 10/3705:3702 مجلة
صوت الأزهر، ذي القعدة 1421ه/26 يناير 2001م العدد 70، ص: 2
[50] د. حسن على الشاذلي، بحث منشور بمجلة مجمع الفقه
الإسلامي، الدورة الرابعة، العدد الرابع، عام 1408ه/1988م، ص: 509.
[51] الفتوى رقم 99 بتاريخ 6 من ذي القعدة عام 1402ه،
الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالمملكة التربية السعودية (مشار إليها في د.
محمد على البار، الموقف الفقهي والأخلاقي من قضية زرع الأعضاء، المرجع السابق ص:
286)
[55] قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، الدورات من
1:10، القرارات من 1:98، ص: 121، و د. يوسف القرضاوي، فتاوى معاصرة، المرجع
السابق، ص: 539.
[56] نخبة من أساتذة القسم بالكلية، قضايا طبية
معاصرة دراسة فقهية مقارنة، جامعة الأزهر كلية الشريعة والقانون بطنطا قسم الفقه
المقارن، 1432ه/2011م، ص:44-45.
[60] د. أحمد شرف الدين، الأحكام الشرعية للأعمال
الطبية، المرجع السابق، ص: 133، وأحكام الجراحة الطبية، المرجة السابق، ص: 372.
[68] الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، نقل الأعضاء من
إنسان لآخر، منشور بمجلة المحاماة، العدد 7و8، سبتمبر – أكتوبر 1980، ص: 171.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=44206
[73] الجراحة الطبية للدكتور محمد
بن محمد المختار الشنقيطي و المسائل الطبية
المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية للدكتور محمد بن عبد الجواد حجازي النتشة
مدينة جديد بانجي،
27 جماد الأولى 1437ه / 7 مارس 2016.
Comments